احتضن مقر منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، اليوم الأربعاء (11 أكتوبر 2023)، الدورة الأولى من المؤتمر الدولي حول علماء العالم الإسلامي، والتي تحمل عنوان: “الفارابي وإسهاماته عبر التاريخ الإنساني”، وتعقدها الإيسيسكو بشراكة مع وزارة الخارجية بجمهورية كازاخستان ممثلة في سفارة كازاخستان بالرباط، وتستمر أعمالها على مدى يومين.
وقد شهد افتتاح المؤتمر حضورا رفيع المستوى لعدد من المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي، ونخبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين في عدد من الدول، واستهل الدكتور محمد زين العابدين، رئيس قطاع الثقافة والاتصال بالإيسيسكو، الجلسة الافتتاحية بتقديم لمحة عن العالم أبي نصر الفارابي، وإسهاماته الفريدة، ومكانته ودوره الكبير في إثراء الفكر الكوني ونهضة العالم الإسلامي.
وفي كلمته نوه الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، بأن الفارابي ترك إرثا علميا قل نظيره في اللغة والفلسفة والموسيقى، وألف نحو 100 كتاب في معظم علوم عصره، وتناول إرث أفلاطون وأرسطو، ونقله بأمانة إلى اللغة العربية، وأصبحت مؤلفاته ممرا انتقلت منه الفلسفات القديمة والإسلامية إلى عصور النهضة الأوروبية، ولا يزال إلى اليوم محل تقدير واهتمام في العالم أجمع من قبل الباحثين والفلاسفة، حتى لقب بالمعلم الثاني بعد أرسطو.
وأكد المدير العام للإيسيسكو أن بلاد الفارابي كازاخستان تمتاز بتنوعها العرقي والديني، وأنجبت قادة وعلماء بارزين آخرين، وهي اليوم تشجع وتدعو إلى الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، واختتم كملته بالتأكيد على أن الإيسيسكو حريصة على إظهار الدور الريادي الذي قدمه علماء العالم الإسلامي على مر العصور ليقتدي بهم الشباب.
ومن جانبه أشار الدكتور عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالمملكة المغربية، في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه السيد محمد الخلفاوي، الكاتب العام للوزارة، إلى أن المؤتمر مناسبة لعرض دور العالم الفارابي في بناء الفكر الإنساني عبر العالم، مستعرضا جهود الوزارة لتشجيع البحث العلمي.
وخلال كلمته قال الدكتور كاميل أكاثوف، نائب وزير العلوم والتعليم العالي في جمهورية كازاخستان، إن الوزارة تسهر على إبراز تركة الفارابي العلمية، من خلال دعم عدد من العلماء لدراسة إسهاماته وأبحاثه في الابتكار والعلوم، على اعتبار أن هذا العلامة الكبير خلف إرثا علميا كبيرا، وأن إنتاجاته لا تزال يُعتمد عليها اليوم من أجل تطوير البحث العلمي.
وعقب ذلك سلم الدكتور المالك، والدكتور أكاثوف، والسفيرة سوليكول سيلوكيزي، سفيرة جمهورية كازاخستان في الرباط، الجوائز إلى الفائزين الذين تقدموا بأوراق بحثية حول إسهامات الفارابي الفكرية، حيث فاز بالجائزة الأولى مناصفة الدكتورة زاداش ديكونباييف من كازاخستان، والدكتور سالم العيادي من تونس، وفاز بالجائزة الثانية مناصفة الدكتور أحمد عطية من مصر، والدكتور أحمد السعيدي من المغرب، والجائزة الثالثة مناصفة بين الدكتورة هدى بنت مبارك الدايري من سلطنة عمان، والدكتور إقبال مولانا ألفيانسياه من إندونيسيا، ومنحت الجائزة التقديرية للدكتور أنيس المؤدب من تونس.
وشهدت الجلسة الافتتاحية توقيع اتحاد جامعات العالم الإسلامي التابع لمنظمة الإيسيسكو، وجامعة الفارابي الوطنية بجمهورية كازاخستان مذكرة تفاهم، لتعزيز التعاون في مجالات التعليم والعلوم والتكنولوجيا، وقعها الدكتور عمر حلي، مستشار المدير العام للإيسيسكو لاتحاد جامعات العالم الإسلامي، والدكتورة أينور كورمانالييفا، المديرة التنفيذية للجامعة.
وفي كلمته عبر تقنية الاتصال المرئي عقب التوقيع، أشاد الدكتور زانسيت تومبرايف، رئيس جامعة الفارابي الوطنية بجمهورية كازاخستان، بما خلفه هذا العالم من إرث كبير أسس من خلاله للحوار بين الحضارات.
وتلى ذلك، عرض فيلم تعريفي بالعلامة الفارابي وتقديم عرض موسيقي من جمهورية أوزباكستان. ثم تم الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز القسم الثاني من مسابقة تراثي للتصوير الفتوغرافي بمصر ودول العالم الإسلامي، والخاص بـ”التراث المعماري والعمراني لمدن العالم الإسلامي”، وهي المسابقة التي أطلقتها الإيسيسكو ووزارة الثقافة المصرية، وجرى افتتاح المعرض الخاص بالصور الفائزة في المسابقة بمقر الإيسيسكو.
وتواصلت جلسات اليوم الأول من مؤتمر الفارابي، وتناولت: “الفارابي وتأثيره في الفلسفة الإنسانية”، و”نظريات الفارابي في مجال فلسفلة العلوم والفلسفة السياسية”، وقد شهدت الجلسات نقاشات ثرية استعرضت إسهامات العلامة الفارابي في مختلف المجالات، وتأثيرها على التفكير الإنساني على مر العصور.