خلال مشاركتهم في ندوة الإيسيسكو الافتراضية الدولية “التعليم ومبادرة المجتمعات التي نريد”، طالب عدد من الشخصيات الدولية رفيعة المستوى والوزراء وأبرز الخبراء العالميين في مجال التربية، المجتمع الدولي بضمان الحق في تعليم شامل ومنصف للجميع، ودعم الدول الفقيرة في توفير الوسائل التكنولوجية اللازمة لاستمرار العملية التعليمية عن بُعد، في ظل جائحة كوفيد 19، مؤكدين أن التعليم هو السبيل لبناء الأمم وتحقيق مستقبل أفضل للبشرية.
وقد تقدم الرئيس الرئيس البرازيلي الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، المشاركين في الندوة، التي عقدتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، أمس الخميس، بالتعاون مع مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والحملة البرازيلية للحق في التعليم، ومعهد لولا، وناقشت “أدوار التعليم اللازمة لتحقيق سمات المجتمعات التي نريد”.
وخلال الجلسة الافتتاحية، التي أدارها الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، تحدث لولا داسيلفا عن تجربة البرازيل في تطوير التعليم، مؤكدا أن الفقراء ليسوا مشكلة، لكنهم جزء من حل المشكلات التي تواجه الدول، إذا ما أُحسن تعليمهم واستثمار طاقاتهم، حيث إن التعليم أساس بناء الأمم.
وفي كلمته بالجلسة ذاتها شدد المدير العام للإيسيسكو على ضرورة إعادة النظر في الأنظمة التعليمية، وتبني طرائق إبداعية جديدة في التعليم، من أجل الحصول على تعليم المستقبل الذي ننشده، والذي ستتغير أنماطه، منوها بأن المنظمة تتبنى هذا الملف باعتبارها منظمة تستشرف المستقبل، وستساهم في مساعدة الدول الأعضاء لبناء منظوماتها التعليمية.
فيما طالب السيد كايلاش ساتيارثي، الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2014، أن تستفيد الفئات المهمشة من الميزانيات التي رصدتها دول العالم لمواجهة آثار الجائحة، ورفع هذه الميزانية التي تُقدر بنحو 8 تريليونات دولار، وزيادة النسبة المخصصة للدول الفقيرة إلى 20% منها.
وخلال كلمتها أشارت السيدة أليس أولبرايت، الرئيس التنفيذي للشراكة العالمية للتعليم، إلى أنه لا يمكن بناء المجتمعات التي نريدها دون ضمان جودة التعليم لكل طفل، والمساواة بين الجنسين في التعليم، حيث إن الفتاة المتعلمة هي الأكثر قدرة على انتشال أسرتها من الفقر، وتحصين أطفالها وإرسالهم إلى المدرسة.
وفي الجلسة الأولى للندوة، التي أدارتها الدكتورة باري بولي كومبو، رئيسة قطاع التربية بالإيسيسكو، تحدث عدد من وزراء التعليم في الدول الأعضاء بالإيسيسكو حول سياسات وآليات ضمان التعليم الجيد والشامل للجميع، حيث طالب السيد شفقت محمود، وزير التعليم والتدريب المهني الفيدرالي بجمهورية باكستان الإسلامية، بضرورة مراجعة البرامج وإصلاح المقررات والمناهج الدراسية، لتتماشى مهارات الخريجين مع متطلبات سوق العمل. وقال السيد فرناندو حداد، وزير التعليم السابق في البرازيل، إنه لضمان جودة التعليم، يجب تطبيق ثلاثة أمور:
– تحفيز وتقدير عمل المدرسين مع تكوينهم المستمر.
– ضمان التمويل المستدام لضمان تنفيذ السياسات التعليمية.
– ضمان جودة التعليم من خلال التقييمات الدائمة.
وأشار الدكتور حاتم بن سالم، وزير التعليم السابق، بالجمهورية التونسية، إلى ضرورة التزام من المجتمع الدولي بالتعليم، يؤدي إلى خارطة طريق ورؤية واضحة المعالم لتعليم المستقبل، وتبني مقاربات ومسارات مبتكرة تلائم ذلك التعليم. واعتبرت السيدة عائشة باه ديالو، وزيرة التعليم السابقة، بجمهورية غينيا، أن التعليم هو العمود الفقري للتنمية المستدامة، ومن المهم ضمان جودته لتحقيق هذه التنمية، منوهة بأن تعليم المرأة يعزز اقتصادات الدول، ويشجع على المزيد من التسامح، ويحافظ على التماسك الاجتماعي. وقالت السيدة كلاوديانا أيو كولي، وزيرة التعليم الأساسي والثانوي بجمهورية غامبيا، إن التعليم الجيد أداة لتغيير حياة الأفراد وتوفير الاستقرار لهم، ويضمن التمتع الكامل بحقوق الإنسان باعتبارها أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي الجلسة الثانية من الندوة، التي تم تخصيصها لآراء الخبراء والممارسين، وأدارتها السيدة راماتا ألمامي مباي، رئيسة قطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية بالإيسيسكو، تحدث الدكتور دانييل كارا، الأستاذ بجامعة ساو باولو، وعضو مجلس إدارة الحملة البرازيلية من أجل الحق في التعليم، عن العلاقة بين التعليم والاقتصاد، مؤكدا أننا بحاجة لأن يكون الاقتصاد في خدمة الناس، والخطوة الأولى لذلك هي الاستثمار بشكل صحيح في التعليم. وحول التعليم من أجل السلام قالت السيدة دليا مامون، رئيس جمعية بذور السلام بسويسرا، إنه لبناء عالم أفضل يحتاج الأطفال إلى تحفيزهم على التفكير بأنفسهم، والتفكير على نطاق أوسع وأعلى واقتراح حلول إبداعية.
فيما اعتبر السيد كي سيوك “كوربيل” كيم، رئيس منظمة تربويون بلا حدود، بكوريا الجنوبية، أنه من الضروري تغيير السلوك البشري للوقاية من الأمراض، وأن التعليم مهم لوقف التمييز والممارسات غير القانونية. وتحدثت السيدة راماتا ألمامي مباي، حول الآفاق المستقبلية، قائلة: نريد جعل مجتماعاتنا متطورة وصحية وقادرة على الصمود والاستدامة، لأنه لا يمكن للمجتمعات المضي قدما دون مشاركة الجميع، مطالبة بأن يُتاح لقاح كوفيد 19 للجميع دون تمييز.
وفي كلمته الختامية للندوة أكد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، على ضرورة مكافحة التمييز بين الذكور والإناث، والعمل على تعبئة الموارد المالية للنهوض بالمنظومات التربوية باعتماد طرائق إبداعية مبتكرة تناسب المستقبل، وقدم الشكر لجميع المشاركين في أعمال الندوة.