المدير العام للإيسيسكو يؤكد على ضرورة مواكبة المتغيرات الدولية في تحالف الحضارات ويدعو لإطلاق مبادرة “من القيم إلى الأجيال”
14 ديسمبر 2025
دعا الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) إلى دمج مبادئ وقيم تحالف الحضارات في مناهج التعليم بهدف تنشئة أجيال واعية بثقافة التفاهم والاحترام المتبادل، مقترحا إطلاق مبادرة دولية جامعة بعنوان “تحالف الحضارات: من القيم إلى الأجيال” لتكون تجسيدا لتطبيق مفهوم الحوار في الواقع الدولي بين الأمم والشعوب من أجل عالم أكثر توازنا وانسجاما.

جاء ذلك في كلمته خلال أعمال الدورة الحادية عشرة لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، التي انطلقت يوم الأحد 14 ديسمبر 2025، في العاصمة السعودية الرياض، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، وحضور السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، والسيد ميغيل موراتينوس، الممثل السامي لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات وعدد من وزراء خارجية الدول، وقيادات سياسية ودينية، ورؤساء المنظمات الدولية، وممثلين عن المجتمع المدني.
وأكد الدكتور المالك، أن انعقاد المنتدى في الرياض يمنح الحدث دلالة حضارية خاصة، مشيرًا إلى أن العاصمة السعودية باتت في السنوات الأخيرة فاعلًا حضاريًا عالميًا يحتضن المبادرات الفكرية والإنسانية ذات الأبعاد الدولية، ويجسّد الاستعداد الواعي للعطاء المسؤول.
وأوضح أن مفهوم تحالف الحضارات يستند إلى إرث إنساني عميق، مستشهدًا بـ«حلف الفضول» بوصفه نموذجًا مبكرًا لتحالفٍ مؤسَّس على نصرة المظلوم وترسيخ العدالة، مؤكدًا أن هذه القيمة الحضارية المتوارثة ما زالت قادرة على إلهام الحاضر وصناعة المستقبل.
وبيّن أن التحالف الحضاري اليوم مدعوٌّ إلى إعادة توجيه بوصلته نحو مجالات محورية تشمل: التعليم القائم على الإنصاف والمساواة، والإعلام الراشد المتسم بالفاعلية والمصداقية، والهجرة الإيجابية بوصفها رافعة للتكامل بين الشعوب، وحوار الثقافات والأديان بما يجدد حيوية التنوع الإنساني ويعزز تبادل الخبرات والأفكار.

كما شارك الدكتور المالك في ندوة “الإيمان بالإنسانية: حوار الأديان جسرٌ إلى السلام”، التي شهدت حضورًا ومشاركةً لعدد من الشخصيات الدينية والفكرية والدبلوماسية البارزة، حيث أكد في مداخلته أهمية التوقف عند خمس محطات محورية تشكّل الإطار الضروري لتجديد حوار الأديان وتعزيز أثره في ترسيخ السلم الإنساني، مشددًا على ضرورة تجاوز الطابع الخطابي التقليدي، وربط القيم الإيمانية بالفعل الإنساني المشترك، وبناء جسور الثقة بين أتباع الأديان، وتعزيز دور التعليم والإعلام في صيانة الكرامة الإنسانية، وتمكين الأجيال الجديدة من حمل رسالة الإيمان بوصفها طاقة سلام وتلاقي.

وأشار الدكتور المالك إلى أن الإيسيسكو كانت قد أسهمت، قبل انعقاد المنتدى، في التمهيد له عبر ندوة تونس حول دعم تحالف الحضارات، مؤكدًا أن مرور عشرين عامًا على إطلاق هذا المسار يقتضي مراجعة أدواته وتحديث آلياته بما يواكب ثورة الاتصالات والتحولات العميقة في أنماط الصراع الدولي، لا سيما الصراعات المرتبطة بالموارد.

واختتم بالتأكيد على أن منظمة الإيسيسكو ستظل في صميم كل جهد حضاري يسعى إلى ترسيخ السلم الإنساني والعدالة، وتسهم فيه بالرأي والخبرة والمبادرات العملية.
