المشاركون في ندوة الإيسيسكو: الاستفادة من إمكانات التكنولوجيا الحديثة ضرورة لحماية التراث في العالم الإسلامي
1 أكتوبر 2020
أكد عدد من القائمين على تسيير المؤسسات المتحفية وخبراء التراث في العالم الإسلامي، ضرورة الاستفادة من ما تتيحه الثورة التكنولوجية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي من وسائل أكثر تطورا، لتحديث المتاحف بالعالم الإسلامي، وإدارة المخاطر التي تواجهها، مطالبين بضرورة رقمنة التراث، وإنشاء قواعد بيانات تضم جميع محتويات المتاحف، وتمكين الجمهور العريض من الاطلاع على الممتلكات الثقافية التي تزخر بها، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو الزيارات الافتراضية على شبكات التواصل الاجتماعي.
جاء ذلك خلال مشاركتهم في الندوة العلمية الدولية “استثمار التكنولوجيا الحديثة في إدارة المخاطر والأزمات التي تواجهها المتاحف في العالم الإسلامي”، التي عقدتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) أمس الأربعاء بالتعاون مع المجلس الدولي للمتاحف “الأيكوم” عبر تقنية الاتصال المرئي، تزامنا مع الاحتفاء بأسبوع المتاحف ويوم التراث في العالم الإسلامي.
انطلقت أعمال الجلسة الافتتاحية للندوة بكلمة الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، والتي أعلن فيها أن المنظمة خصصت مليون دولار لترميم المقتنيات المتحفية لفائدة 30 من المتاحف المتضررة من مختلف الأزمات في دول العالم الإسلامي، داعيا دول العالم والمؤسسات الحكومية وجهات الاختصاص بشؤون التراث إلى أخذ التدابير اللازمة لإعادة فتح المؤسسات المتحفية وتوعية الشعوب بأهمية الحفاظ عليها.
وفي كلمتها أشارت سمو الأميرة دانا فراس، رئيسة اللجنة الوطنية الأردنية للمجلس العالمي للمعالم المواقع “إيكوموس الأردن”، إلى أن التقنية أصبحت الجزء الأساسي في آليات وطرق المحافظة على التراث، محذرة من أن 96% من المواقع الأثرية على ساحل المتوسط مهددة بمختلف المخاطر. فيما أوضح الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، أن 3% فقط من المحتوى الفني العالمي يأتي من الدول العربية، مؤكدا أن نحو 90% من المتاحف في العالم أغلقت أبوابها لفترات متفاوتة (أي ما يعادل 85 ألف متحف) خلال أزمة كوفيد 19، وأن الأزمة دافع لتسريع التحول الرقمي. من جانبه أشار الأستاذ الشرقي الدهمالي، نائب رئيس المجموعة العربية للمتاحف “الآيكوم العربي”، إلى حاجة بلدان العالم الإسلامي للانفتاح والتعاون مع المتاحف في جميع أنحاء العالم.
وعقب الجلسة الافتتاحية بدأت الجلسة الأولى، التي دارت حول “استثمار التكنولوجيا الحديثة في إدارة الأزمات في المؤسسات المتحفية”، وأدارها الدكتور محمد زين العابدين، مدير قطاع الاتصال والثقافة بالإيسيسكو، والدكتور عبد الإله بنعرفة، المستشار الثقافي للمدير العام، وتحدث فيها الدكتور حسين كمال، مدير عام شؤون الترميم في المتحف المصري الكبير، مشيرا إلى أن مركز ترميم الآثار التابع للمتحف قام بتدريب 120 مرمما، ويستهدف أن يكون مركزا لتدريب الأطر في منطقة الشرق الأوسط.
بينما قال الدكتور ستيفانو كاربوني، الرئيس التنفيذي لهيئة المتاحف بالمملكة العربية السعودية، إنه يجري العمل على إنشاء سجل رقمي لمحتويات المتاحف السعودية، مؤكدا أن رقمنة التراث تمكن من الحفاظ على المقتنيات الموجودة في المتاحف، وتحدثت الدكتورة فاطمة نايت إيغل، مديرة المتحف الوطني بباردو في تونس، عن إنشاء المتحف تطبيقا رقميا على الهواتف الذكية، يدعم الواقع المعزز، وتطبيقا خاصا بالمكفوفين، فيما أشار الدكتور حمادي بوكوم، مدير متحف الحضارات السوداء في السنغال، إلى استخدم اللغات الإفريقية على الإنترنت، وذلك بفضل الرقمنة وتقنيات الصوت لتمكين الأشخاص الأميين من الحصول على معلومات باللغات المحلية، مؤكدا ضرورة رقمنة الموروث الثقافي الشفوي ومشاركته مع العالم.
بدوره أشار الدكتور سعد عبد الهادي، أمين سر مجلس الأمناء لمؤسسة ومتحف محمود درويش في فلسطين، إلى استفادة المتاحف من التقنية، إذ أصبحت أغلبها تقدم زيارات افتراضية، مستعرضًا أمام الحضور متحف محمود درويش افتراضيا كنموذج لما يمكن أن تحققه الزيارات التفاعلية، بينما أفادت الدكتورة أحلام بنت محمد الأغبرية، مديرة دائرة تقنية المعلومات في المتحف الوطني بمسقط، أن المتحف يسعى بالشراكة مع هواوي إلى اختراع روبوت آلي يرشد الزائرين للحفاظ على التباعد الاجتماعي، متحدثة عن نظام متقدم لنقل محتويات المتحف عند حدوث الأخطار.
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان: “الحلول البديلة في تسيير المتاحف وقاعات العرض في ظل البروتوكول الصحي لكوفيدـ 19″، وأدارها السفير خالد فتح الرحمن، مدير إدارة الحوار والتنوع الثقافي في الإيسيسكو، وافتتحها الدكتور فيصل بن محمد الشريف، المشرف السابق على متحف مكة المكرمة، مؤكدا أن مدينة مكة كلها متحف، فكل بقعة منها تروي قصة مميزة عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ومقدما عددا من الأفكار المقترحة لتنظيم الزيارات أثناء الجائحة.
وأوضحت الدكتورة صباح عبد الرزاق، المدير العام للمتحف المصري بالتحرير، أن المتحف استطاع الوصول إلى الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أتاح جولات افتراضية مع مرشدين سياحيين، فيما أشار الدكتور حاجي تشانا يومن، مدير المتحف الوطني الكاميروني، إلى محدودية الإمكانات الرقمية، مضيفا أن المتحف قرر تعزيز الحضور الرقمي بعد جائحة كوفيد 19 ليكون أقرب إلى المواطنين.
وأفاد الدكتور عباس عبد منديل، معاون مدير عام دائرة المتاحف العامة مدير متاحف المحافظات في العراق، عن جرد محتويات المتاحف لإنشاء قاعدة بيانات لها، مع صيانة المتضرر منها، كما يجري حاليا استرداد كثير من المسروقات، فيما أشارت الدكتورة رماتا ساوادوغو، مديرة المتحف الوطني بواغادوغو، ومنسقة المركز الإقليمي للإيسيكو في بوركينافسو، إلى أن المركز يهدف إلى تدريب الكفاءات العاملة في مجال المتاحف، مضيفة أن دوراته مفتوحة لجميع الدول الأعضاء، كما يسعى إلى تعزيز قدرات المهنيين، وكذلك تقديم المشورة للدول الأعضاء لحماية التراث فيها.
وفي ختام الندوة وجه الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، الشكر للمشاركين على الخبرات والأفكار التي تم طرحها، وذلك في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور محمد زين العابدين، مدير قطاع الثقافة والاتصال بالإيسيسكو.