الإيسيسكو تدعو إلى عقد منتدى دولي لبلورة استراتيجية للنهوض ﺑﺎﻷوﺿـﺎع اﻹﻧﺴﺎﻧﯿـﺔ
9 ديسمبر 2019
**د.المالك: في عالمنا اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺮصُ ﻛﺜﯿﺮة واﻋﺪة بمستقبلٍ ﻣﺸﺮق إذا أحسنا اﺳﺘﺜﻤﺎرھﺎ
**اﻹﯾﺴﯿﺴﻜـﻮ تعمل ﻋﻠﻰ ﺗﺴﮭﯿـﻞ اﻻﻧﺪﻣـﺎج اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ وﺗﻨﻤﯿـﺔ اﻟﻘﯿـﻢ اﻹﺳﻼﻣﯿـﺔ للتكافل
دعا الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إﻟﻰ ﻋﻘـﺪ ﻣﻨﺘـﺪى دوﻟﻲ في المقر الرئيس للمنظمة في مدينة الرباط بالمملكة المغربية خلال عام 2020م، ﺑﻤﺸــﺎرﻛـﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤـﺎت اﻹﻗﻠﯿﻤﯿـﺔ واﻟﺪوﻟﯿـﺔ وھﯿﺌــﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤـﻊ اﻟﻤـﺪﻧﻲ اﻟﻤﻌﻨﯿـﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﯿـﺔ اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﯿـﺔ، ﻟﺒﻠـﻮرة اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿـﺔ ﺷــﺎﻣﻠـﺔ ﻟﻠﻨﮭــﻮض ﺑﺎﻷوﺿـﺎع اﻹﻧﺴﺎﻧﯿـﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿـﺔ، وﻣﺴـﺎﻋـﺪة اﻟـﺪول اﻷﻋﻀــﺎء بالإيسيسكو على اﻟﻮﻓـﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣـﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿـﻖ أھـﺪاف اﻟﺘﻨﻤﯿـﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣـﺔ 2030م.
جاء ذلك في كلمة الدكتور المالك أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوزاري الإسلامي حول التنمية الاجتماعية، الذي انطلقت أعماله اليوم في مدينة إسطنبول التركية، بحضور فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وينعقد تحت شعار “ضمان المساواة الاجتماعية والرفاه للجميع في الدول الأعضاء: الفرص والتحديات”.
وقد استهل المدير العام للإيسيسكو كلمته أمام المؤتمر بالتنويه إلى تضمن شعاره كلمتي “المساواة” و”الرفاهية” المعبرتان عن هدفين مهمين من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030م، ما يدفع إلى التساؤل حول مدى التقدم الذي أحرزته الدول الإسلامية على درب تحقيق التزاماتها بشأن الأهداف الإنمائية السبعة عشر، بعد أن قطعنا منذ عام 2015م ثلث المسافة التي تفصلنا عن 2030م؟ وما الواجب توخيه من استراتيجيات وإجراءات عاجلة لتسريع وتيرة التقدم؟.
وتساءل الدكتور المالك: ﻛﯿﻒ ﻧﺘﺪارك ﺗﺄﺧﺮﻧﺎ ﻋﻦ رﻛﺐ الدول المتقدمة، ومجموعة بلدان العالم الإسلامي لم تخصص للبحث العلمي واﻟﺘﻄﻮﯾﺮ ﺳﻮى نسبة 0.4% من ناتجها المحلي الإجمالي في عالم تزايدت فيه ﺑﺮاءاتُ اﻻﺧﺘﺮاع ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎت اﻟﺒﺎزﻏﺔ واﻟﺬﻛﺎء اﻻﺻﻄﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺲ واﻟﻌﺸﺮﯾﻦ اﻷﺧﯿﺮة ﺑﻨﺴﺒﺔ أﻟﻒ بالمائة؟.
وتابع: ﻟﻘـﺪ اﻟﺘﺰﻣﺖ دول اﻟﻌـﺎﻟﻢ، وﻣﻦ ﺿﻤﻨﮭﺎ دوﻟﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ، ﺑﺎﻟﮭـﺪف اﻹﻧﻤﺎﺋﻲ اﻟﺮاﺑـﻊ اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ، إلا أننا نجد في دول العالم أكثر من 64 مليون طفل خارج أسوار المدارسة لأسباب اجتماعية واقتصادية. كما تصل نسبة الأمية فيها إلى 40%، تشكل النساء والأطفال 65% منها. وﯾُﻌَدﱡ زواج اﻟﻘﺎﺻﺮات ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ الإسلامي ظﺎھﺮة ﻣﺆﺳﻔﺔ وﺣﻘﯿﻘﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ ومُسبِّباً رئيساً لحرمان الفتيات من مواصلة تعليمهن ولعزلتهن الاجتماعية.
وأشار المدير العام للإيسيسكو إلى أن دول العالم التزمت بالهدفين الإنمائيين الأول والثاني اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﯿﻦ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎء على اﻟﻔﻘﺮ والجوع، لكن الفقر اﻟﻤﺪﻗﻊ مازال منتشرا في العالم الإسلامي، حيث إن 16% من سكانه يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، ولا تقلُّصَ مأمولا على المدى القريب في معدلات الجوع في كثير من مناطق إفريقيا ومن منطقة غرب آسيا التي ارتفع فيها سوء التغذية، بنسبة بلغت 12 بالمائة من مجموع السكان.
وحذر من أنه في عالم لم تخِفَّ فيه حدّة النزاعات والكوارث الطبيعية وموجات الهجرة واللجوء، واستنادا إلى التقرير الصادر فى 4 من ديسمبر الجاري عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، سيحتاج حوالي 168 مليون شخص في أنحاء العالم خلال سنة 2020م إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وهو أعلى رقم سيُسجَّل في هذا المجال منذ عقود.
وتابع: وﻣﻘﺎﺑﻞ ھﺬه اﻟﻈﺮوف واﻷوﺿﺎع، ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻟﻌﺎﻟﻤﻨﺎ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﺮصُ ﻛﺜﯿﺮة واﻋﺪة بمستقبلٍ ﻣﺸﺮق ﻷﺑﻨﺎﺋﮫ وأﺟﯿﺎﻟﮫ اﻟﻘﺎدﻣﺔ، ﺷﺮﯾﻄﺔ أن ﯾﺘﻢ اﺳﺘﺜﻤﺎرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﮫ اﻷﻣﺜﻞ. وﻣﻦ أﺑﺮزھﺎ ﻣﺎ ﯾﺰﺧﺮ ﺑﮫ ﻣﻦ طﺎﻗﺎت ﺷﺒﺎﺑﯿﺔ وﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻟﻸطﻔﺎل واﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺒﺘﮫ اﻟﺪﯾﻤﻐﺮاﻓﯿﺔ، وﻣﻦ ﻣﻮھﻮﺑﯿﻦ مَكْنُونين ﯾﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟﻰ اﻻﺳﺘﻜﺸﺎف وإﺑﺮاز ﻣﻮاھﺒﮭﻢ، ومن كفاءات ﻋﻠﻤﯿﺔ وﺗﻘﻨﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﺳﻮاء ﻓﻲ دوﻟﻨﺎ أو في المَهاجر ﯾﻤﻜﻨﮭﺎ اﻹﺳﮭﺎم ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﺗﻮطﯿﻦ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﯿﺎ واﻟﺒﺤﺚ اﻟﻌﻠﻤﻲ اﻟﻤﺘﻘﺪم ﻓﻲ دوﻟﻨﺎ.
وأكد الدكتور المالك أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﻟﻲ، اﻟﺬي ﺗﺘﻜﺸﻒ ﻣﻼﻣﺤﮫ وﺳﻤﺎﺗﮫ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ واﻷرﻗﺎم ﯾﺴﺘﺪﻋﻲ ﻣﻨﺎ ﻣﺰﯾﺪا ﻣﻦ اﻻھﺘﻤﺎم وﺗﻘﻮﯾﺔ ﻟﻼﻟﺘﺰام، ﻛﻤﺎ ﯾﺤﺜﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﯿﮫ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﺻﻮب إﯾﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻧﺎﺟﻌﺔ وداﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻛﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ. لذا علينا جميعا -واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ ﻣﻘﺒﻞُ على الاحتفال غدا العاشر من ديسمبر ﺑﯿﻮم ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن- أن ﻧﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﺸﻌﻮﺑﻨﺎ، وفق ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺣﻘﻮﻗﯿﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن اﻟﻔﻘﺮ واﻷﻣﯿﺔ واﻟﺤﺮﻣﺎن اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﻲ واﻹﻗﺼﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاﻋﮫ وﺳﻮء اﻟﺘﻐﺬﯾﺔ وﻧﻘﺺ اﻟﻤﺎء الصالح للشرب وﺗﺮدي اﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻟﺼﺤﯿﺔ والتعديات على اﻟﺒﯿﺌﺔ ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ اﻧﺘﮭﺎﻛﺎت ﺻﺎرﺧﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن.
وشدد المدير العام للإيسيسكو على أن المنظمة طورت رؤﯾﺔ ﺟﺪﯾﺪة، ﺗﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ إﻟﻰ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻨﺎرة إﺷﻌﺎع دوﻟﻲ ﺗﺴﺘﺸﺮف ﻗﻀﺎﯾﺎ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ وﺗﺮﻛز على القضاء على الفقر ومحاربة التطرف وخطاب الكراهية، رؤية تتمحور حول الإنسان وتحترم البيئة وتصون كرامة الجميع وتعاملهم على قدم المساواة.
وأوضح أنه في إطار هذه الرؤية تجدد الإيسيسكو التزامها بدعم الدول الأعضاء بشكل أفضل، من خلال بلورة منظومة خاصة بدول العالم الإسلامي لقياس مؤشر التنمية الاجتماعية فيها وتحليل اﻟﻔﻮارق ﺑﯿﻨﮭﺎ ورﺻﺪ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ، وإعداد استراتيجية شاملة لمقاومة الفقر، إسهاما في التنمية المستدامة وتعزيزا للسلام لصالح الإنسانية جمعاء، ودعما للتعليم الذي يقدر التنوع والفنون والرياضة من أجل بناء مجتمعات شاملة للجميع.
وقال الدكتور المالك في كلمته أمام المؤتمر: إننا إذ ﻧﺸﯿــﺪ ﺑﺎﻟﺠﮭــﻮد اﻟﺘﻲ ﺗﺒﺬﻟﮭـﺎ دوﻟﻨـﺎ اﻷﻋﻀــﺎء ﻓﻲ ﻣﺠــﺎل اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ونقدرها، ﻧﺆﻛﺪ ﺳﻌﻲ اﻹﯾﺴﯿﺴﻜـﻮ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ، ﻋﻠﻰ ﺗﺴﮭﯿـﻞ اﻻﻧﺪﻣـﺎج اﻻﺟﺘﻤـﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼـﺎدي والتضامني وﺗﻌﺰﯾـﺰه ﻓﻲ ﺻﻔـﻮف الفئات الدنيا، وﻛﺬا ﺗﻨﻤﯿـﺔ اﻟﻘﯿـﻢ اﻹﺳﻼﻣﯿـﺔ ﻟﻠﺘﻀـﺎﻣﻦ واﻟﺘﻜـﺎﻓﻞ ورﯾـﺎدة اﻷﻋﻤـﺎل.
وطالب بأن تركز القرارات التي تَصدر ﻋﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤـﺮ على تلبية اﻟﺤﺎﺟﯿـﺎت اﻟﺤﻘﯿﻘﯿـﺔ ﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ وﺑﻨـﺎء ﺟﺴـﻮر اﻟﺘﻌـﺎون ﻣﻊ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﻌـﺎﻟﻤﯿـﺔ اﻟﺮاﺋـﺪة ﻓﻲ ﻣﺠـﺎل اﻟﺘﻨﻤﯿـﺔ واﻟﻌﻤـﻞ اﻹﻧﺴـﺎﻧﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧﻠـﻖ اﻟﺘــﺂزر واﻟﺘﻜــﺎﻣـﻞ ﻓﻲ أﻋﻤـﺎﻟـﻨـﺎ، وتبني ﻣﻘـﺎرﺑـﺔ ﻣﻨﺪﻣﺠـﺔ ﻟﻤﺤﺎرﺑـﺔ اﻟﻔﻘـﺮ واﻟﺘﻄـﺮّف والإرهاب، وإيجاد مزيد من الانسجام والفعالية لضمان تحسّن مطّرد في المستوى المعيشي للناس، ومشاركة منصفة لتحقيق الرفاهية للجميع.