في افتتاح أعمال الدورة 38 للمجلس التنفيذي للإيسيسكو في الرباط : د. عبد العزيز التويجري يؤكد أن الإيسيسكـو تسـاهم فـي صنع مستقبل العالم الإسلامي وتجسد المشروع الحضاري الجديد
3 أكتوبر 2017
ألقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، كلمة في افتتاح الدورة الثامنة والثلاثين للمجلس التنفيذي للإيسيسكو، صباح اليوم، استهلها بالإعراب عن تقديره للرعاية الكريمة التي تلقاها الإيسيسكو من جلالة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وللتسهيلات التي تقدمها لها الجهات المختصة في المملكة المغربية، لتمكينها من القيام بمهامها في أحسن الظروف.
وقال إن هذه الدورة تنعقد في الوقت الذي تبوأت فيه الإيسيسكو مكاناً متميّـزاً بين المنظمات الموازية وحققت إنجازات ومكاسبَ مهمةً على أسسٍ راسخة تُضَاعِفُ من الأهمية التي تكتسبها، جعلت منها قلعةً منيعةً للتضامن الإسلامي في مجالات اختصاصها.
وأضاف إن الإيسيسكو استطاعت خلال السنة الماضية ومنتصف هذه السنة، اجتياز مراحل متلاحقة من النمو المتوازن اقترب بها من تحقيق أهداف خطة العمل (2016-2018) الرئيسَة والفرعية معاً، ونفذت برامجَ وأنشطة متعددة، حتى أصبحت، بفضل من الله تعالى، ثم بجهود أسرتها جميعاً، وبالثقة المتزايدة من الدول الأعضاء في الإدارة العامة، إحدى أكثر منظمات العمل الإسلامي المشترك إشعاعاً وتأثيراً وعطاءً، وواحدة من المنظمات الإقليمية والدولية ذات المصداقية العالية، والسمعة الدولية الطيبة، والحضور الفاعل والمؤثر في المحافل الدولية.
وأعلن أن حصيلة الإيسيسكو من الإنجازات التربوية والعلمية والثقافية خلال عام 2016، قد بلغت 352 إنجازاً، بنسبة وصلت إلى 87 في المائة من الإنجازات المعتمدة، إضافة إلى 170 إنجازاً تدخل في مجال السياسة العامة.
وقال إن هذا التطور قد تمّ في ظروف إقليمية ودولية صعبة، كان لها انعكاسٌ على مجمل العمل الإسلامي المشترك، لكن الإيسيسكو كانت ولا تزال قادرةً على المضيّ في تحقيق رسالتها الحضارية التنموية، في إطار من العمل المحكم، والتسيير الملتزم بالترشيد وإعطاء الأولوية لبرامج خطة العمل.
وبيَّـن أن الإيسيسكو تسير بوتيرة متصاعدة وتمضي في الاتجاه الصحيح، منذ إنشائها قبل خمس وثلاثين سنة وإلى اليوم، حتى صارت معلماً بارزاً من معالم العمل الإسلامي المشترك، تحظى بالثقة المتزايدة من الدول الأعضاء كافة، ومن المجتمع الدولي بصورة عامة، وتتبوأ مكانة متميزة تليق بها، بين المنظمات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأن الإيسيسكو تعبيراً عميقـاً وصادقـاً، عن الرؤية الحضارية الإسلامية الإنسانية المستنيرة، إلى القضايا الدولية في المجالات الحيوية التي تعمل في إطارها.
وذكر أن الإيسيسكو التي دخلت في سنتها الخامسة والثلاثين، تجسّد في هذه المرحلة الحرجة التي يجتازها العالم الإسلامي، المشروعَ الحضاريَّ الإسلاميَّ الإنسانيَّ المنفتحَ على آفاق العصر، والمندمجَ في صميم الحركة الإنسانية العالمية المتصاعدة التي تهدف إلى بناء نظام عالمي إنساني جديد، يقوم على قيم العدل والسلام، ويهدف إلى تعميم التعليم الجيّد المنتج، والتربية البانية للإنسان، والعلوم المبدعة للابتكار، والثقافة الصانعة للحضارة، والاتصال الذي يقوّي العلاقات بين الأمم والشعوب، ويقدم إلى العالم المعاصر الصورةَ الحقيقيةَ للحضارة الإسلامية المتجدّدة.
ومضى المدير العام للإيسيسكو قائلاً : (إن التطوّر المطرد والتكامل والمتوازن الذي وصلت إليه الإيسيسكو وقطعت مراحله مرحلةً بعـد مرحلة، وانضمام دول جديدة لها خلال الفترة الماضية، وفي هذا العام، حيث انضمت كل من الجمهورية التركية، وجمهورية أوزبكستان إلى عضويتها، كل ذلك يؤكد من وجوه كثيرة، أن تأسيس هذه المنظمة في مطلع القرن الخامس عشر الهجري، لم يكن ضرورةً حيوية مؤكدةً فحسب، بل كان إلى ذلك، استجابةً لطموح الأمة الإسلامية المشروع، في تحقيق نهضة حضارية شاملة على أسس تربوية وعلمية وثقافية، تقوم على قواعد متطورة حديثة، دون أن تحيدَ عن النهج القويم الذي يستمد مشروعيتَه ومصداقيتَه وسلامتَه من الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية، ومن الثوابت الإسلامية الراسخة، ومن القيم والمبادئ الإنسانية الخالدة.
وأكد الدكتور عبد العزيز التويجري أن الإيسيسكو تساهم في صنع مستقبل العالم الإسلامي في حدود المهام الموكلة إليها والاختصاصات المحددة لها، لأن رسالتها التي تنهض بها رسالة حضارية تخدم الأمة الإسلامية والإنسانية جمعاء. وقال: « إننا على يقين أن العمل الذي ننجزه، والنجاح الذي نحرزه، هما الردَّ الموضوعي على بعض التحدّيات الحضارية التي تواجه شعوب العالم الإسلامي؛ على أساس أن بناء الإنسان، الذي هو من صميم اختصاصاتنا، هو جزء من بناء الأوطان الذي هو مصدر القوة والمناعة والقدرة على الدفاع عن الحقوق والمكتسبات وحماية المصالح العليا لأمتنا المجيدة».
وختم المدير العام للإيسيسكو كلمته بقوله : « إن العالم كله يمرّ بمرحلة صعبة تحدق بها المخاطر من كل جانب، لعل أشدّها خطورةً ظاهرة الإرهاب الذي يُـلصَق بالإسلام ظلماًُ وعدواناً وافتراءً، بينما دينُـنا الحنيف براء منه، ومن كل المجرمين الذين يمارسون الإرهاب بكل أشكاله، والحروب والفتن المدمّرة للإنسان والعمران، والصعوبات الاقتصادية والتنموية، التي تعاني منها دول كثيرة في العالم، منها دول أعضاء في الإيسيسكو، واختلال النظام العالمي، وازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا والمشاكل الدولية»، لافتاً إلى أن العالم الإسلامي في أشدّ الحاجة إلى مضاعفة الجهود في هذا المجال الحيوي الذي نعمل فيه، من أجل مواجهة هذه التحدّيات والتغلب عليها.