المدير العام للإيسيسكو في افتتاح أعمال المجلس التنفيذي بعاصمة آذربيجان : التزامنـا بالمنهج العلمي في التـخطيط للمستقبل هـو دعـمٌ للمشروع الحضاري الإسلامي يتجاوب مع المتغيرات الدولية
23 نوفمبر 2015
في افتتاح أعمال الدورة السادسة والثلاثين للمجلس التنفيذي للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- اليوم في باكو عاصمة آذربيجان، ألقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للإيسيسكو، كلمة استهلها بقوله إن هذه الدورة هي الدورة الخاتمة لخطة العمل الثلاثية للأعوام (2013-2015)، التي تمهد للمرحلة المقبلة التي ستبدأ مع بداية السنة القادمة، بخطة العمل الثلاثية والموازنة للأعوام (2016-2018) التي سيعرض مشروعُها على المؤتمر العام الثاني عشر الذي سيعقد بعد ثلاثة أيام، لإقرارها. وبذلك تكون دورة ً متميزة ً وذات أهمية خاصة، لأنها ستناقش مشروع خطة العمل الجديدة، في ضوء المناقشات التي جرت في الدورة السابقة لخطوطها العريضة.
وأضاف قائلا ً : « نحن نقف اليوم على أبواب مرحلة ما قبل الانطلاق الجديد القائم على الأسس القوية، نحو آفاق واسعة كان استشرافـُها أحد معالم الخطة الجديدة التي حرصنا على أن تكون، في مضامينها وتوجهاتها وأهدافها، خريطة َ طريق نسير على هـداها في المرحلة المقبلة، التي نعلم مسبقـًا أنها ستكون مثقلة بالأعباء التي أعددنا العـدة للنهوض بها، واستعددنا الاستعداد اللازم لأداء المهام الموكلة إلينا بشأنها، على النحو الذي يمهد أمامنا السبل نحو استكمال بناء النهضة الحضارية للأمة الإسلامية التي تقوم على تحديث المنظومة التعليمية بعناصرها المتعددة، وتطوير العلوم بمناهجها المتنوعة، وتشجيع الابتكار في حقوله المختلفة، وتجديد رسالة الثقافة لتكون في خدمة تقدم المجتمع وتطوره وتنميته وازدهاره، ووسيلة من الوسائل الفعالة للحفاظ على الخصوصيات الثقافية والحضارية للأجيال الحالية وللأجيال اللاحقة».
وتحدث عن خطة العمل الثلاثية التي توشك أن تنتهي في متم السنة الجارية، فوصفها بأنها خطة طموح بكل المقاييس، تحققت أهدافها بنسبة عالية، فتراكمت المنجزات والمكاسب والنتائج التي جنيناها منها، بالقـدر الذي رفع من مستوى العمل الذي نقوم به من النواحي كافة، وعلى جميع المستويات، من حيث الإدارة التي تعتمد الترشيد المحكم للإنفاق على تـنفيذ المشروعات والبرامج والأنشطة، ومن حيث التنفيذ وفق رؤية استراتيجية تجمع بين رصد الأوضاع التربوية والعلمية والثـقافية والاتصالية في الدول الأعضاء والوقوف على احتياجاتها، لتعزيز قدراتها في هذه المجالات الحيوية، وبين الانفتاح على المستجدات في هذه الميادين جميعًا، والاستفادة من التجارب الرائدة والانخراط في التعاون والشراكة مع المنظمات الدولية والإسلامية والعربية ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق الأهداف المشتركة ويدعم التنمية التربوية والعلمية والثقافية في دول العالم الإسلامي.
وذكر أن الإيسيسكو إذا كانت تسير في هذا الاتجاه الصحيح، وتتجاوب مع المتغيرات التي يعرفها المشهد الدولي في الاختصاصات التي تعمل في إطارها، وتحقق تـقدمًا ملموسًا من خطة عمل إلى أخرى، بل عامًا بعد عام، وتقدم خدمات متميزة للدول الأعضاء وللمجتمعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، فإن المرجع في هذا النجاح المطرد، بعد توفيق الله تعالى، يعود إلى ثـقة الدول الأعضاء المتزايدة في إدارتها العامة، ودعمها لها، مما يعـزِّزُ ثـقة شركائها في المنظمات الدولية والإقليمية التي ترتبط معها باتفاقيات للتعاون.
وأشار إلى أن التقارير المعروضة على المجلس التنفيذي، خصوصًا تقرير المدير العام عن الأنشطة المنفذة خلال دورتَي المجلس الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين، تكشف الملامح الرئيسَة لهذا التقدم الذي تعرفه الإيسيسكو، والذي تعمل على الدفع به في المرحلة المقبلة، من خلال تنفيذ خطة العمل الثلاثية الجديدة التي ستفتح أمامها آفاقـًا واسعة للتطوير والتحديث والتجديد والتجويد، على جميع الأصعدة، حتى تحقق الأهداف التي التفـَّت حولها الإرادة ُ الجماعية ُ للدول الأعضاء، والتي تمثـل المشروع الحضاري للعالم الإسلامي.
وأوضح أن الاهتمام بالعمل البرامجي المستمرّ، لا يصرف الإيسيسكو عن متابعة ما يشهده العالم من متغيرات متلاحقة وشاملة في جميع الميادين، وما تعرفه بعض البلدان الإسلامية، من اضطرابات وتفاقم للأوضاع، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية التي يمر بها العالم الإسلامي شديدة الحساسية سيتقرر فيها مستقبل الأمة الإسلامية. وقال في هذا السياق : « ولأنها مرحلة حرجة إلى هذه الدرجة، فإنَّ المسؤولية في التعامل معها بمنتهى الحكمة، والتصدي للأزمات الناتجة عنها ومعالجة المشاكل المترتبة عليها بالحزم المطلوب، هي مسؤولية جماعية، ومن أوجب الواجبات المشتركة التي لا يُـستـثـنى أحدٌ من القيام بها، كل من الموقع الذي يشغله، وفي إطار المهام الموكلة إليه. ولذلك فنحن في الإيسيسكو نقدر حجم المسؤولية التي نتحمّلها، ولا ندخـر جهدًا في القيام بالواجبات المنوطة بنا، وفي العمل من أجل تحقيق أهدافنا المنصوص عليها في ميثاق المنظمة، أو المرسومة في خطط العمل الثلاثية المتعاقبة».
وذكر أنه إزاء احتدام الصراع في مناطق من العالم الإسلامي، وفي ظل تفاقم النزاعات المسلحة التي تشهدها تلك المناطق وما تفرزه من مشاكل خطيرة، خصوصًا في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات الإيسيسكو، فإن المنظمة حريصة أشـدَّ الحرص، على أن تقوم بدورها الفاعل والمؤثر في تعزيز القدرات التربوية والتعليمية والعلمية والثقافية والاِتصالية لدى الدول الأعضاء، وتمكين المجتمعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي من الحفاظ على هويتها الثقافية والحضارية وتقوية صلاتها بالعالم الإسلامي، وفي نشر ثقافة السلام والوئام والتسامح، وفي ترسيخ قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، وفي تعزيز الأخوة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وفي نبذ النزعات الطائفية ورفض تيارات العنف وموجات التطرف وإدانة جرائم الإرهاب بكل أشكاله، وفي تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام وثقافته وحضارته وأمته في قطاع عريض من الإعلام الغربي، وفي تقديم الرؤية الإسلامية الحضارية إلى قضايا العصر في المحافل الدولية.
وقال الدكتور عبد العزيز التويجري إن عملنا القائم على المنهج العلمي في التخطيط للمستقبل في هذه المجالات التي تـزداد حيوية ً وتشتـدّ الحاجة إليها كلما تضخمت المشكلات في الميادين التي تغطي اختصاصاتنا، هو جزء من المشروع الحضاري الإسلامي الذي بات يشق طريقه إلى التبلور على قواعد متينة، وأن بذلك تكون الإيسيسكو هي الضميرَ الثـقافيَّ للعالم الإسلامي، ويكون المجلس التنفيذيّ والمؤتمر العام، هما القوة َ المؤثرة َ لهذا الضمير والعقل المدبّـرَ المخطط لهذا المشروع الكبير الذي يهدف إلى استئناف الدورة الحضارية لأمتنا الإسلامية المجيدة.
وبـيَّـن المدير العام للإيسيسكو في ختام كلمته أن الدورة الحالية للمجلس التنفيذي، هي بمثابة المحطة الأخيرة في الرحلة التي قامت بها الإيسيسكو على قطار خطة العمل الثلاثية والموازنة للأعوام (2013-2015). وقال بهذا الخصوص : « في هذه المحطة نستعد للإقلاع في رحلة جديدة نسعى جهدنا لتكون أكثر فوائدَ وأغزر نتائجَ وأوسع مدى وأعمق تأثيرًا في العمل الإسلامي المشترك الذي تنهض به الإيسيسكو في مجالات اختصاصها».